الرِّحْلَةُ الأَخِيرَةُ
-1-
لم نبتعدْ عن ليلِ رِحْلَتِنا الأخيرةِ بَعْدُ
كانَ القلبُ يلفظُ آخرَ الذِّكرى،
وينفضُ ما علاهُ من عَياءِ الدَّربِ،
ينفضُ ما تَعلَّقَ في ضُلوعي من مَباهِجِ واحةٍ،
كانتْ ترفرفُ في فضاءاتِ المفازاتِ التي تَلِدُ العَرَبْ
كانَ الفَضاءُ يضيقُ ثُمَّ يضيقُ مُخْتَنِقاً
ويبتدئُ العَطَبْ
والقلبُ يُرسِلُ في الظَّلامِ بَريقَ باصرتَيْهِ مُرْتَعِداً
ويسقطُ في اللَّهبْ
لَهْفَانَ.. يعلمُ أنَّ قافلةً ستنهضُ بعدَ حينٍ
أنّ راحلةً ستحملهُ إلى وَجَعٍ جَديدٍ أوْ نَصَبْ
مُتهالكاً.. يردُ الطّريقَ إلى الوراءِ مُلَوِّحاً
لا النّيلُ ينهضُ للوداعِ ولا الحجازُ ولا حلبْ
والرّوحُ في وادي الدَّواسِرِ، تَقْتَفي أَثَرَ المِهَارِ
فكيفَ يَدْفَعُني الأَمامُ إلى الأمامِ
ولَمْ يُوَدِّعْني النَّخيلُ، ولم يُزوِّدْني الرُّطَبْ؟!
-قُلْ إنَّهُ حلمٌ وإنَّ اللّيلَ يقطعُهُ الصباحْ
قُلْ إنّهُ وَهْمٌ وإنَّ الماءَ يطفئُ دهشةَ الخمرِ الصُّراحْ
قُلْ إنَّهُ....
-قَدْ طالَ وَهْمُكَ يا صديقي، واستطالَ الحلمُ
وانقرضَ العربْ
-2-
يا سَيّدي..
إنّي ببابي منذُ أَنْ طارتُ طُيورُ الوَجْدِ في فَجريْ،
وكانَ الكونُ طَلاَّ
ضاعتْ على الحاناتِ أَوْرادي،
وغابتْ في الكؤوسِ الزُّرْقِ سُؤلا
وتَلَجْلَجَتْ في سُورةِ الوَجَعِ النّبيلِ، ترومُ وَصْلا
غامَتْ حروفُ الصّفحةِ الأُولى،
وغابتْ في ابتساماتِ السَّرابْ
وتضرَّجَتْ بدمِ الدِّنانِ
ولم تبحْ سِرَّ الشَّرابْ
إنّي قَرَأْتُ وما قرأتُ،
فكيفَ ينكشفُ الحِجَابْ
بل كيفَ يقرأُ ما كتبتُ
وكيفَ يُلْهِمُني الجوابْ
وأَنَا ببابي..
أقرعُ الزَّمنَ المُحَصَّنَ بالملائكةِ الغِضابْ
إنّي انبسطتُ على البساطِ، وطاشَ في الوجدِ الصَّوابْ
قَدْ بَلَّلَتْني..
بلّلتْ أنفاسيَ الحَرَّى خُمورُكَ،
أَيُّها السَّاقي، فَزِدْني
زِدْني.. فعلَّ الصَّحْوَ يَذْكُرُني
فَأُدْرِكُ بعضَ ما ضَيَّعْتُ.. مِنّي
أَوْعَلَّني أَغدو -كما شاءَتْ ليَ الأورادُ- طِفْلا
فَرْداً.. يَهيمُ
وقَدْ غَدا وَطَناً.. وأَهْلا.
-3-
لم نبتعدْ عن ليلِ رحلتِنا الأخيرةِ بعدُ
كانَ البعضُ يرسمُ في رمالِ الحلمِ خارطةً
لتنهضَ في ظِلاَلِ الوقتِ مَمْلَكَةٌ
وعَرْشٌ من ظلالِ المِلْحِ يَجْمَعُ تائهَ الأَعْرابِ،
في أرضٍ، سَتَجْرِي تحتهم عَسَلاً وَخَمْرا
وَطَنٌ تُسَيِّجُهُ الملاحِمُ والزُّنُودُ
وَطَنٌ تَتِيهُ على سَواريهِ البُنُودُ.
مُسْتَيْقظُونَ..
وهذه الأحلامُ تَصْخَبُ في حَنَايانا
ويأخذُنا الشُّرودُ
نَنْدَاحُ في بَحْرٍ من الشَّوقِ اللَّجوجِ
فكمْ نُرِيدُ، ولا نريدُ
كَمْ شاعِرٍ..
عادَتْ نوارسُهُ إلى الشُّطْآنِ راعفةً، وقدْ عادَ البريدُ،
يَدْمَى، وقد ضاعتْ قَصائِدُهُ على رُعْبِ المفاوزِ والشَّواطئ
وابتهالاتِ العبيدِ
كَمْ عاشقٍ..
عادتْ حمائمُهُ مُكَسَّرَةَ القوادِمِ، والدِّمَاءْ
صَبَغَتْ بياضَ القلبِ بالفَزَعِ المُدَوّمِ في المسالحِ،
والمذابحِ، وارتجافاتِ الدُّعاءْ
من أَيِّ فَجٍّ تنفذونَ
وهذهِ الأبوابُ مُوْصَدَةٌ، وقَدْ رُهِنَ الهَواءْ؟!
مُستيقظونَ..
وحالمونَ بعالمٍ أَنْقَى وجَنَّاتٍ وماءْ
مستيقظونَ..
وحُلْمُنَا المجنونُ يلهثُ في انفجاراتِ الطّفولةِ والصَّخَبْ
تَعْلُوا مدائنُهُ على مِلْحِ الرَّغائبِ، ثُمَّ تعلَو،
ثم تسقطُ في مُحيطِ الصَّدْمَةِ الأُولى،
ويوقِظُهُ الخَرابْ
فَبَيارِقُ الوطنِ المُمَزَّقِ تملأُ الأفقَ المُوَشَّى
بالإماراتِ الصَّغيرةِ والممالكِ والسَّرابْ
في مِصْرَ مَمْلَكَةٌ، وفي تَطْوانَ عاشِرَةٌ، وأُخْرَى في حَلَبْ
وَطَنٌ.. يسوقُ به الدَّليلُ إلى العَطَبْ
يَحْدُو بهِ أَعْمَى البصيرةِ في دروبٍ من لَهَبْ
وَطَنٌ تُطَرِّزُهُ الممالكُ والبيارقُ والنّياشينُ الكبيرةُ،
والخُصوماتُ الخطيرةُ، وانتصاراتُ البَيادِقِ أَوْ هزائِمُها
على ماءٍ وَمَرْعَى،
أَوْ حَقْلِ قمحٍ داهمتْهُ الرِّيحُ والغَنَمُ العَدُوُّ
فَسَعَّرُوا غَضَبَ "الشبَّابْ"
وهناكَ في القُدْسِ الجديدةِ،
يَرْقُبُ "المختارُ" فَوْرَتَهُمْ
ويُؤلِمُ للسِّفاراتِ التي وَفَدَتْ على عَجَلٍ
ويَصْطلحُ "الصِّحابْ".
-4-
لم نَسْتَفِقْ
مِنْ دهشةِ العشقِ القديمِ، ولم يَثُبْ
قلبٌ توزَّعُ بينَ أوهامِ المواعيدِ العطاشِ، ولم يَتُبْ
عن حبِّ زاهرةِ العُيونِ، ولم تَؤُبْ
من رحلةِ الوَجَعِ المُدَوِّمِ في سَماواتِ العَتَبْ
هي قُبْلَةٌ أولى، وطفلٌ ليسَ يَنْسى
لَذْعَ الحليبِ على الشّفاهِ البِكْرِ، أَمْسَى
وَشْماً من الوَجَعِ الشَّفيفِ،
على يسارِ الصَّدرِ، يَأْسَى
هي وَعْلَةٌ أُولى، وخيطُ النّارِ يَسْرِي في ظُنوني
أو يَنْبُتُ الخَدَرُ الحنونُ على مُحِيطِ الصَّدْرِ
يَطوي صفحةَ الزَّمنِ الطَّروبِ
ليبدأَ الزّمنُ المُدَوَّنُ بالجنونِ
هو مارِدٌ
غابتْ مَعَ الأحلامِ أُنثاهُ فغابَ بألفِ أُنثى
مُتَدَثِّراً بِغُلالَةِ الشِّعْرِ المُعَرْبِدِ وانفجاراتِ المُجونِ
مُتَرَبِّصاً بَعِبيرِهِنَّ على المَعَابِرِ والنَّوافِذِ
يَنتهي مِزَقاً
وأَجْمَعُ ما تَبَدَّدَ منهُ في وَجَلِ العُيونِ
لكنّ خيطَ النارِ يَخْنُقُهُ، فما زالَ الفؤادْ
يَهْفُوا إلى الأُنْثَى، إلى لَذْع الحليبْ
هي وَعْلَةٌ أَوْ لَدْغَةٌ أُولى
وآخرُ ما سَيَكْتُبُهُ على بابِ المدينةِ
آخرُ ما سَيُنْشِدُهُ، ويدخلُ في المغيبْ
-5-
لم نبتعدْ
عن ليلِ رحلتِنا الأخيرةِ، بعدُ، يا أبتاهُ،
والأطفالُ ما زالوا بقاعِ الجُبِّ
ينتظرونَ سيّاراتِ من يَأْتي لينْشُلَهُمْ
ويُسْلِمَهُمْ إلى ربٍّ جَديدٍ
لا إخوةٌ يتدافعونَ إليكَ بالكذبِ المُخَاتِلِ
لا قميصَ يردُّ فيكَ الرُّوحَ والبَصَرَ المُرَدَّدَ
بينَ أبوابِ العواصمِ،
والدّروبِ إلى مَزاداتِ السِّياسةِ والنخاسهْ
ودليلُنا أَعْمَى
يَجُرُّ جماعةَ العُميانِ نحوَ الهاويهْ
يَتَوكّأونَ على مَزاعِمِهِ فيندفعونَ قطعاناً،
وتبتسمُ المراثي
فمتى تكونُ القَاضِيَهْ.؟!
-1-
لم نبتعدْ عن ليلِ رِحْلَتِنا الأخيرةِ بَعْدُ
كانَ القلبُ يلفظُ آخرَ الذِّكرى،
وينفضُ ما علاهُ من عَياءِ الدَّربِ،
ينفضُ ما تَعلَّقَ في ضُلوعي من مَباهِجِ واحةٍ،
كانتْ ترفرفُ في فضاءاتِ المفازاتِ التي تَلِدُ العَرَبْ
كانَ الفَضاءُ يضيقُ ثُمَّ يضيقُ مُخْتَنِقاً
ويبتدئُ العَطَبْ
والقلبُ يُرسِلُ في الظَّلامِ بَريقَ باصرتَيْهِ مُرْتَعِداً
ويسقطُ في اللَّهبْ
لَهْفَانَ.. يعلمُ أنَّ قافلةً ستنهضُ بعدَ حينٍ
أنّ راحلةً ستحملهُ إلى وَجَعٍ جَديدٍ أوْ نَصَبْ
مُتهالكاً.. يردُ الطّريقَ إلى الوراءِ مُلَوِّحاً
لا النّيلُ ينهضُ للوداعِ ولا الحجازُ ولا حلبْ
والرّوحُ في وادي الدَّواسِرِ، تَقْتَفي أَثَرَ المِهَارِ
فكيفَ يَدْفَعُني الأَمامُ إلى الأمامِ
ولَمْ يُوَدِّعْني النَّخيلُ، ولم يُزوِّدْني الرُّطَبْ؟!
-قُلْ إنَّهُ حلمٌ وإنَّ اللّيلَ يقطعُهُ الصباحْ
قُلْ إنّهُ وَهْمٌ وإنَّ الماءَ يطفئُ دهشةَ الخمرِ الصُّراحْ
قُلْ إنَّهُ....
-قَدْ طالَ وَهْمُكَ يا صديقي، واستطالَ الحلمُ
وانقرضَ العربْ
-2-
يا سَيّدي..
إنّي ببابي منذُ أَنْ طارتُ طُيورُ الوَجْدِ في فَجريْ،
وكانَ الكونُ طَلاَّ
ضاعتْ على الحاناتِ أَوْرادي،
وغابتْ في الكؤوسِ الزُّرْقِ سُؤلا
وتَلَجْلَجَتْ في سُورةِ الوَجَعِ النّبيلِ، ترومُ وَصْلا
غامَتْ حروفُ الصّفحةِ الأُولى،
وغابتْ في ابتساماتِ السَّرابْ
وتضرَّجَتْ بدمِ الدِّنانِ
ولم تبحْ سِرَّ الشَّرابْ
إنّي قَرَأْتُ وما قرأتُ،
فكيفَ ينكشفُ الحِجَابْ
بل كيفَ يقرأُ ما كتبتُ
وكيفَ يُلْهِمُني الجوابْ
وأَنَا ببابي..
أقرعُ الزَّمنَ المُحَصَّنَ بالملائكةِ الغِضابْ
إنّي انبسطتُ على البساطِ، وطاشَ في الوجدِ الصَّوابْ
قَدْ بَلَّلَتْني..
بلّلتْ أنفاسيَ الحَرَّى خُمورُكَ،
أَيُّها السَّاقي، فَزِدْني
زِدْني.. فعلَّ الصَّحْوَ يَذْكُرُني
فَأُدْرِكُ بعضَ ما ضَيَّعْتُ.. مِنّي
أَوْعَلَّني أَغدو -كما شاءَتْ ليَ الأورادُ- طِفْلا
فَرْداً.. يَهيمُ
وقَدْ غَدا وَطَناً.. وأَهْلا.
-3-
لم نبتعدْ عن ليلِ رحلتِنا الأخيرةِ بعدُ
كانَ البعضُ يرسمُ في رمالِ الحلمِ خارطةً
لتنهضَ في ظِلاَلِ الوقتِ مَمْلَكَةٌ
وعَرْشٌ من ظلالِ المِلْحِ يَجْمَعُ تائهَ الأَعْرابِ،
في أرضٍ، سَتَجْرِي تحتهم عَسَلاً وَخَمْرا
وَطَنٌ تُسَيِّجُهُ الملاحِمُ والزُّنُودُ
وَطَنٌ تَتِيهُ على سَواريهِ البُنُودُ.
مُسْتَيْقظُونَ..
وهذه الأحلامُ تَصْخَبُ في حَنَايانا
ويأخذُنا الشُّرودُ
نَنْدَاحُ في بَحْرٍ من الشَّوقِ اللَّجوجِ
فكمْ نُرِيدُ، ولا نريدُ
كَمْ شاعِرٍ..
عادَتْ نوارسُهُ إلى الشُّطْآنِ راعفةً، وقدْ عادَ البريدُ،
يَدْمَى، وقد ضاعتْ قَصائِدُهُ على رُعْبِ المفاوزِ والشَّواطئ
وابتهالاتِ العبيدِ
كَمْ عاشقٍ..
عادتْ حمائمُهُ مُكَسَّرَةَ القوادِمِ، والدِّمَاءْ
صَبَغَتْ بياضَ القلبِ بالفَزَعِ المُدَوّمِ في المسالحِ،
والمذابحِ، وارتجافاتِ الدُّعاءْ
من أَيِّ فَجٍّ تنفذونَ
وهذهِ الأبوابُ مُوْصَدَةٌ، وقَدْ رُهِنَ الهَواءْ؟!
مُستيقظونَ..
وحالمونَ بعالمٍ أَنْقَى وجَنَّاتٍ وماءْ
مستيقظونَ..
وحُلْمُنَا المجنونُ يلهثُ في انفجاراتِ الطّفولةِ والصَّخَبْ
تَعْلُوا مدائنُهُ على مِلْحِ الرَّغائبِ، ثُمَّ تعلَو،
ثم تسقطُ في مُحيطِ الصَّدْمَةِ الأُولى،
ويوقِظُهُ الخَرابْ
فَبَيارِقُ الوطنِ المُمَزَّقِ تملأُ الأفقَ المُوَشَّى
بالإماراتِ الصَّغيرةِ والممالكِ والسَّرابْ
في مِصْرَ مَمْلَكَةٌ، وفي تَطْوانَ عاشِرَةٌ، وأُخْرَى في حَلَبْ
وَطَنٌ.. يسوقُ به الدَّليلُ إلى العَطَبْ
يَحْدُو بهِ أَعْمَى البصيرةِ في دروبٍ من لَهَبْ
وَطَنٌ تُطَرِّزُهُ الممالكُ والبيارقُ والنّياشينُ الكبيرةُ،
والخُصوماتُ الخطيرةُ، وانتصاراتُ البَيادِقِ أَوْ هزائِمُها
على ماءٍ وَمَرْعَى،
أَوْ حَقْلِ قمحٍ داهمتْهُ الرِّيحُ والغَنَمُ العَدُوُّ
فَسَعَّرُوا غَضَبَ "الشبَّابْ"
وهناكَ في القُدْسِ الجديدةِ،
يَرْقُبُ "المختارُ" فَوْرَتَهُمْ
ويُؤلِمُ للسِّفاراتِ التي وَفَدَتْ على عَجَلٍ
ويَصْطلحُ "الصِّحابْ".
-4-
لم نَسْتَفِقْ
مِنْ دهشةِ العشقِ القديمِ، ولم يَثُبْ
قلبٌ توزَّعُ بينَ أوهامِ المواعيدِ العطاشِ، ولم يَتُبْ
عن حبِّ زاهرةِ العُيونِ، ولم تَؤُبْ
من رحلةِ الوَجَعِ المُدَوِّمِ في سَماواتِ العَتَبْ
هي قُبْلَةٌ أولى، وطفلٌ ليسَ يَنْسى
لَذْعَ الحليبِ على الشّفاهِ البِكْرِ، أَمْسَى
وَشْماً من الوَجَعِ الشَّفيفِ،
على يسارِ الصَّدرِ، يَأْسَى
هي وَعْلَةٌ أُولى، وخيطُ النّارِ يَسْرِي في ظُنوني
أو يَنْبُتُ الخَدَرُ الحنونُ على مُحِيطِ الصَّدْرِ
يَطوي صفحةَ الزَّمنِ الطَّروبِ
ليبدأَ الزّمنُ المُدَوَّنُ بالجنونِ
هو مارِدٌ
غابتْ مَعَ الأحلامِ أُنثاهُ فغابَ بألفِ أُنثى
مُتَدَثِّراً بِغُلالَةِ الشِّعْرِ المُعَرْبِدِ وانفجاراتِ المُجونِ
مُتَرَبِّصاً بَعِبيرِهِنَّ على المَعَابِرِ والنَّوافِذِ
يَنتهي مِزَقاً
وأَجْمَعُ ما تَبَدَّدَ منهُ في وَجَلِ العُيونِ
لكنّ خيطَ النارِ يَخْنُقُهُ، فما زالَ الفؤادْ
يَهْفُوا إلى الأُنْثَى، إلى لَذْع الحليبْ
هي وَعْلَةٌ أَوْ لَدْغَةٌ أُولى
وآخرُ ما سَيَكْتُبُهُ على بابِ المدينةِ
آخرُ ما سَيُنْشِدُهُ، ويدخلُ في المغيبْ
-5-
لم نبتعدْ
عن ليلِ رحلتِنا الأخيرةِ، بعدُ، يا أبتاهُ،
والأطفالُ ما زالوا بقاعِ الجُبِّ
ينتظرونَ سيّاراتِ من يَأْتي لينْشُلَهُمْ
ويُسْلِمَهُمْ إلى ربٍّ جَديدٍ
لا إخوةٌ يتدافعونَ إليكَ بالكذبِ المُخَاتِلِ
لا قميصَ يردُّ فيكَ الرُّوحَ والبَصَرَ المُرَدَّدَ
بينَ أبوابِ العواصمِ،
والدّروبِ إلى مَزاداتِ السِّياسةِ والنخاسهْ
ودليلُنا أَعْمَى
يَجُرُّ جماعةَ العُميانِ نحوَ الهاويهْ
يَتَوكّأونَ على مَزاعِمِهِ فيندفعونَ قطعاناً،
وتبتسمُ المراثي
فمتى تكونُ القَاضِيَهْ.؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق