(بيان) أمر للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يعوذ بالله من كل شر ومن بعضه خاصة والسورة مدنية على ما يظهر مما ورد في سبب نزولها.
قوله تعالى: " قل أعوذ برب الفلق " العوذ هو الاعتصام والتحرز من الشر بالالتجاء إلى من يدفعه، والفلق بالفتح فالسكون الشق والفرق، والفلق بفتحتين صفة مشبهة بمعنى المفعول كالقصص بمعنى المقصوص، والغالب إطلاقه على الصبح لانه المشقوق من الظلام، وعليه فالمعنى أعوذ برب الصبح الذي يفلقه ويشقه ومناسبة هذا التعبير للعوذ من الشر الذي يستر الخير ويحجب دونه ظاهر.
وقيل: المراد بالفلق كل ما يفطر ويفلق عنه بالخلق والايجاد فإن في الخلق والايجاد شقا للعدم وإخراجا للموجود إلى الوجود فيكون مساويا للمخلوق، وقيل هوجب في جهنم ويؤيده بعض الروايات.
قوله تعالى: " من شر ما خلق " أي من شر من يحمل شرا من الانس والجن والحيوانات وسائر ماله شر من الخلق فان اشتمال مطلق ما خلق على الشر لا يستلزم الاستغراق.
قوله تعالى: " ومن شر غاسق إذا وقب " في الصحاح: الغسق أول ظلمة الليل وقد غسق الليل يغسق إذا أظلم والغاسق الليل إذا غاب الشفق.
انتهى، والوقوب الدخول فالمعنى ومن شر الليل إذا دخل بظلمته.
ونسبة الشر إلى الليل إنما هي لكونه بظلمته يعين
الشرير في شره لستره عليه فيقع فيه الشر اكثر مما يقع منه بالنهار، والانسان فيه أضعف منه في النهار تجاه هاجم الشر، وقيل: المراد بالغاسق كل هاجم يهجم بشره كائنا ما كان.
وذكر شر الليل إذا دخل بعد ذكر شر ما خلق من ذكر الخاص بعد العام لزيادة الاهتمام وقد اهتم في السورة بثلاثة من أنواع الشر خاصة هي شر الليل إذا دخل وشر سحر السحرة وشر الحاسد إذا حسد لغلبة الغفلة فيهن.
قوله تعالى: " ومن شر النفاثات في العقد " أي النساء الساحرات اللاتي يسحرن بالعقد على المسحور وينفثن في العقد.
وخصت النساء بالذكر لان السحر كان فيهن ومنهم أكثر من الرجال، وفي الآية تصديق لتأثير السحر في الجملة، ونظيرها قوله تعالى: في قصة هارون وماروت " فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله " البقرة: 102 ونظيره ما في قصة سحرة فرعون.
وقيل: المراد بالنفاثات في العقد النساء اللاتي يملن آراء أزواجهن إلى ما يرينه ويردنه فالعقد هو الرأي والنفث في العقد كناية عن حله، وهو بعيد.
قوله تعالى: " ومن شر حاسد إذا حسد " أي إذا تلبس بالحسد وعمل بما في نفسه من الحسد بترتيب الاثر عليه.
وقيل: الآية تشمل العائن فعين العائن نوع حسد نفساني يتحقق منه إذا عاين ما يستكثره ويتعجب منه.
(بحث روائي) في الدر المنثور اخرج عبد بن حميد عن زيد بن اسلم قال: سحر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رجل من اليهود فاشتكى فأتاه جبريل فنزل عليه بالمعوذتين وقال: إن رجلا من اليهود سحرك والسحر في بئر فلان فأرسل عليا فجاء به فأمره ان يحل العقد ويقرء آية فجعل يقرء ويحل حتى قام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كأنما نشط من عقال.
اقول: وعن كتاب طب الائمة باسناده إلى محمد بن سنان عن المفضل عن الصادق (عليه السلام) مثله وفي هذا المعنى روايات كثيرة من طرق اهل السنة باختلافات يسيرة، وفي غير واحد منها انه ارسل مع علي (عليه السلام) زبيرا وعمارا وفيه روايات اخرى ايضا من طرق ائمة اهل البيت (عليهم السلام).
وما استشكل به بعضهم في مضمون الروايات ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان مصونا من تأثير السحر كيف؟ وقد قال الله تعالى: " وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا انظر
كيف ضربوا لك الامثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا " الفرقان: 9.
يدفعه ان مرادهم بالمسحور والمجنون بفساد العقل بالسحر واما تأثره عن السحر بمرض يصيبه في بدنه ونحوه فلا دليل على مصونيته منه.
وفي المجمع وروي ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان كثيرا ما يعوذ الحسن والحسين (عليهما السلام) بهاتين السورتين.
وفيه عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): انزلت علي آيات لم ينزل مثلهن المعوذتان، اورده في الصحيح.
اقول: واسندها في الدر المنثور إلى الترمذي والنسائي وغيرهما ايضا، وروى ما في معناه ايضا عن الطبراني في الاوسط عن ابن مسعود، ولعل المراد من عدم نزول مثلهن انهما في العوذة فقط ولا يشاركهما في ذلك غيرهما من السور.
وفي الدر المنثور اخرج احمد والبزار والطبراني وابن مردويه من طرق صحيحة عن ابن عباس وابن مسعود انه كان يحك المعوذتين من المصحف ويقول: لا تخلطوا القرآن بما ليس منه إنهما ليستا من كتاب الله إنما أمر النبي ان يتعوذ بهما، وكان ابن مسعود لا يقرء بهما.
اقول: ثم قال السيوطي قال البزار: ولم يتابع ابن مسعود احد من الصحابة وقد صح عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قرء بهما في الصلاة وقد اثبتتا في المصحف انتهى.
وفي تفسير القمي باسناده عن ابي بكر الحضرمي قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام) إن ابن مسعود كان يمحو المعوذتين من المصحف.
فقال: كان ابي يقول: انما فعل ذلك ابن مسعود برأيه وهو [ هماظ ] من القرآن.
أقول: وفي هذا المعنى روايات كثيرة من طرق الفريقين على ان هناك تواترا قطعيا من عامة المنتحلين بالاسلام على كونهما من القرآن، وقد استشكل بعض المنكرين لاعجاز القرآن أنه لو كان معجزا في بلاغته لم يختلف في كون السورتين من القرآن مثل ابن مسعود، واجيب بأن التواتر القطعي كاف في ذلك على أنه لم ينقل عنه احد انه قال بعدم نزولهما على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أوقال بعدم كونهما معجزتين في بلاغتهما بل قال بعدم كونهما جزء من اللقرآن وهو محجوج بالتواتر.
وفى الدر المنثور أخرج ابن جرير عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الفلق جب في جهنم مغطى.
أقول: وفي معناه غير واحد من الروايات في بعضها: قال (صلى الله عليه وآله وسلم): باب في النار إذ
فتح سعرت جهنم رواه عقبة بن عامر، وفي بعضها: بئر في جهنم إذا سعرت جهنم فمنه تسعر، رواه عمرو بن عنبسة إلى غير ذلك.
وفي المجمع وقيل: الفلق جب في جهنم يتعوذ أهل جهنم من شدة حره عن السدي ورواه أبو حمزة الثمالي وعلي بن إبراهيم في تفسير يهما.
وفى تفسير القمي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): كاد الفقر أن يكون كفرا وكاد الحسد أن يغلب القدر.
اقول: الرواية مروية بلفظها عن أنس عنه (صلى الله عليه وآله وسلم).
وفي العيون بإسناده عن السلطي عن الرضا عن أبيه عن آبائه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: كاد الحسد أن يسبق القدر.
وفي الدر المنثور أخرج ابن أبي شيبة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الحسد ليأكل الحسنات كما يأكل النار الحطب.
قوله تعالى: " قل أعوذ برب الفلق " العوذ هو الاعتصام والتحرز من الشر بالالتجاء إلى من يدفعه، والفلق بالفتح فالسكون الشق والفرق، والفلق بفتحتين صفة مشبهة بمعنى المفعول كالقصص بمعنى المقصوص، والغالب إطلاقه على الصبح لانه المشقوق من الظلام، وعليه فالمعنى أعوذ برب الصبح الذي يفلقه ويشقه ومناسبة هذا التعبير للعوذ من الشر الذي يستر الخير ويحجب دونه ظاهر.
وقيل: المراد بالفلق كل ما يفطر ويفلق عنه بالخلق والايجاد فإن في الخلق والايجاد شقا للعدم وإخراجا للموجود إلى الوجود فيكون مساويا للمخلوق، وقيل هوجب في جهنم ويؤيده بعض الروايات.
قوله تعالى: " من شر ما خلق " أي من شر من يحمل شرا من الانس والجن والحيوانات وسائر ماله شر من الخلق فان اشتمال مطلق ما خلق على الشر لا يستلزم الاستغراق.
قوله تعالى: " ومن شر غاسق إذا وقب " في الصحاح: الغسق أول ظلمة الليل وقد غسق الليل يغسق إذا أظلم والغاسق الليل إذا غاب الشفق.
انتهى، والوقوب الدخول فالمعنى ومن شر الليل إذا دخل بظلمته.
ونسبة الشر إلى الليل إنما هي لكونه بظلمته يعين
الشرير في شره لستره عليه فيقع فيه الشر اكثر مما يقع منه بالنهار، والانسان فيه أضعف منه في النهار تجاه هاجم الشر، وقيل: المراد بالغاسق كل هاجم يهجم بشره كائنا ما كان.
وذكر شر الليل إذا دخل بعد ذكر شر ما خلق من ذكر الخاص بعد العام لزيادة الاهتمام وقد اهتم في السورة بثلاثة من أنواع الشر خاصة هي شر الليل إذا دخل وشر سحر السحرة وشر الحاسد إذا حسد لغلبة الغفلة فيهن.
قوله تعالى: " ومن شر النفاثات في العقد " أي النساء الساحرات اللاتي يسحرن بالعقد على المسحور وينفثن في العقد.
وخصت النساء بالذكر لان السحر كان فيهن ومنهم أكثر من الرجال، وفي الآية تصديق لتأثير السحر في الجملة، ونظيرها قوله تعالى: في قصة هارون وماروت " فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله " البقرة: 102 ونظيره ما في قصة سحرة فرعون.
وقيل: المراد بالنفاثات في العقد النساء اللاتي يملن آراء أزواجهن إلى ما يرينه ويردنه فالعقد هو الرأي والنفث في العقد كناية عن حله، وهو بعيد.
قوله تعالى: " ومن شر حاسد إذا حسد " أي إذا تلبس بالحسد وعمل بما في نفسه من الحسد بترتيب الاثر عليه.
وقيل: الآية تشمل العائن فعين العائن نوع حسد نفساني يتحقق منه إذا عاين ما يستكثره ويتعجب منه.
(بحث روائي) في الدر المنثور اخرج عبد بن حميد عن زيد بن اسلم قال: سحر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رجل من اليهود فاشتكى فأتاه جبريل فنزل عليه بالمعوذتين وقال: إن رجلا من اليهود سحرك والسحر في بئر فلان فأرسل عليا فجاء به فأمره ان يحل العقد ويقرء آية فجعل يقرء ويحل حتى قام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كأنما نشط من عقال.
اقول: وعن كتاب طب الائمة باسناده إلى محمد بن سنان عن المفضل عن الصادق (عليه السلام) مثله وفي هذا المعنى روايات كثيرة من طرق اهل السنة باختلافات يسيرة، وفي غير واحد منها انه ارسل مع علي (عليه السلام) زبيرا وعمارا وفيه روايات اخرى ايضا من طرق ائمة اهل البيت (عليهم السلام).
وما استشكل به بعضهم في مضمون الروايات ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان مصونا من تأثير السحر كيف؟ وقد قال الله تعالى: " وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا انظر
كيف ضربوا لك الامثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا " الفرقان: 9.
يدفعه ان مرادهم بالمسحور والمجنون بفساد العقل بالسحر واما تأثره عن السحر بمرض يصيبه في بدنه ونحوه فلا دليل على مصونيته منه.
وفي المجمع وروي ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان كثيرا ما يعوذ الحسن والحسين (عليهما السلام) بهاتين السورتين.
وفيه عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): انزلت علي آيات لم ينزل مثلهن المعوذتان، اورده في الصحيح.
اقول: واسندها في الدر المنثور إلى الترمذي والنسائي وغيرهما ايضا، وروى ما في معناه ايضا عن الطبراني في الاوسط عن ابن مسعود، ولعل المراد من عدم نزول مثلهن انهما في العوذة فقط ولا يشاركهما في ذلك غيرهما من السور.
وفي الدر المنثور اخرج احمد والبزار والطبراني وابن مردويه من طرق صحيحة عن ابن عباس وابن مسعود انه كان يحك المعوذتين من المصحف ويقول: لا تخلطوا القرآن بما ليس منه إنهما ليستا من كتاب الله إنما أمر النبي ان يتعوذ بهما، وكان ابن مسعود لا يقرء بهما.
اقول: ثم قال السيوطي قال البزار: ولم يتابع ابن مسعود احد من الصحابة وقد صح عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قرء بهما في الصلاة وقد اثبتتا في المصحف انتهى.
وفي تفسير القمي باسناده عن ابي بكر الحضرمي قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام) إن ابن مسعود كان يمحو المعوذتين من المصحف.
فقال: كان ابي يقول: انما فعل ذلك ابن مسعود برأيه وهو [ هماظ ] من القرآن.
أقول: وفي هذا المعنى روايات كثيرة من طرق الفريقين على ان هناك تواترا قطعيا من عامة المنتحلين بالاسلام على كونهما من القرآن، وقد استشكل بعض المنكرين لاعجاز القرآن أنه لو كان معجزا في بلاغته لم يختلف في كون السورتين من القرآن مثل ابن مسعود، واجيب بأن التواتر القطعي كاف في ذلك على أنه لم ينقل عنه احد انه قال بعدم نزولهما على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أوقال بعدم كونهما معجزتين في بلاغتهما بل قال بعدم كونهما جزء من اللقرآن وهو محجوج بالتواتر.
وفى الدر المنثور أخرج ابن جرير عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الفلق جب في جهنم مغطى.
أقول: وفي معناه غير واحد من الروايات في بعضها: قال (صلى الله عليه وآله وسلم): باب في النار إذ
فتح سعرت جهنم رواه عقبة بن عامر، وفي بعضها: بئر في جهنم إذا سعرت جهنم فمنه تسعر، رواه عمرو بن عنبسة إلى غير ذلك.
وفي المجمع وقيل: الفلق جب في جهنم يتعوذ أهل جهنم من شدة حره عن السدي ورواه أبو حمزة الثمالي وعلي بن إبراهيم في تفسير يهما.
وفى تفسير القمي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): كاد الفقر أن يكون كفرا وكاد الحسد أن يغلب القدر.
اقول: الرواية مروية بلفظها عن أنس عنه (صلى الله عليه وآله وسلم).
وفي العيون بإسناده عن السلطي عن الرضا عن أبيه عن آبائه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: كاد الحسد أن يسبق القدر.
وفي الدر المنثور أخرج ابن أبي شيبة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الحسد ليأكل الحسنات كما يأكل النار الحطب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق