أخبار قناة العربية

Chat With Your Friends Freely And Openly .. No Limit For Time

الخميس، 10 يونيو 2010

تفسير سورة قريش



 
(بيان) تتضمن السورة امتنانا على قريش بإيلافهم الرحلتين وتعقبه بدعوتهم إلى التوحيد وعبادة رب البيت، والسورة مكية.
ولمضمون السورة نوع تعلق بمضمون سورة الفيل ولذا ذهب قوم من أهل السنة إلى كون الفيل ولايلاف سورة واحدة كما قيل بمثله في الضحى وألم نشرح لما بينهما من الارتباط كما نسب ذلك إلى المشهور بين الشيعة والحق أن شيئا مما استندوا إليه لا يفيد ذلك.
أما القائلون بذلك من أهل السنة فإنهم استندوا فيه إلى ما روي أن أبي بن كعب لم يفصل بينهما في مصحفه بالبسملة، وبما روي عن عمرو بن ميمون الازدي قال: صليت المغرب خلف عمر بن الخطاب فقرء في الركعة الاولى والتين وفي الثانية ألم تر ولايلاف قريش من غير أن يفصل بالبسملة.
وأجيب عن الرواية الاولى بمعارضتها بما روي أنه أثبت البسملة بينهما في مصحفه، وعن الثانية بأن من المحتمل على تقدير صحتها أن يكون الراوي لم يسمع قراءتها أو يكون قرأها سرا.
على أنها معارض بما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إن الله فضل قريشا بسبع خصال وفيها " ونزلت فيهم سورة من القرآن لم يذكر فيها أحد غيرهم: لايلاف قريش ".
الحديث على أن الفصل متواتر.
وأما القائلون بذلك من الشيعة فاستندوا فيه إلى ما في المجمع عن أبي العباس عن أحدهما (عليهما السلام) قال: ألم تر كيف فعل ربك ولايلاف قريش سورة واحدة، وما
في التهذيب باسناده عن العلاء عن زيد الشحام قال: صلى بنا أبو عبد الله (عليه السلام) الفجر فقرء الضحى وألم نشرح في ركعة، وما في المجمع عن العياشي عن المفضل بن صالح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: لا تجمع بين سورتين في ركعة واحدة إلا الضحى وألم نشرح وألم تر كيف ولايلاف قريش، ورواه المحقق في المعتبر نقلا من كتاب الجامع لاحمد بن محمد بن أبي نصر عن المفضل مثله.
أما رواية أبي العباس فضعيف لما فيها من الرفع.
وأما رواية الشحام فقد رويت عنه بطريقين آخرين: أحدهما ما في التهذيب باسناده عن ابن مسكان عن زيد الشحام قال: صلى بنا أبو عبد الله (عليه السلام) فقرء بنا بالضحى وألم نشرح، وثانيهما عنه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن زيد الشحام قال: صلى بنا أبو عبد الله (عليه السلام) فقرء في الاولى الضحى وفي الثانية ألم نشرح لك صدرك. وهذه أعني صحيحة ابن أبي عمير صريحة في قراءة السورتين في ركعتين ولا يبقى معها لرواية العلاء ظهور في الجمع بينهما، وأما رواية ابن مسكان فلا ظهور لها في الجمع ولا صراحة، وأما حمل ابن أبي عمير على النافلة فيدفعه قوله فيها: " صلى بنا " فإنه صريح في الجماعة ولا جماعة في نفل.
وأما رواية المفضل فهي أدل على كونهما سورتين منها على كونهما سورة واحدة حيث قيل: لا تجمع بين سورتين ثم استثني من السورتين الضحى وألم نشرح وكذا الفيل ولايلاف.
فالحق أن الروايات إن دلت فإنما تدل على جواز القران بين سورتي الضحى وألم نشرح وسورتي الفيل ولايلاف في ركعة واحدة من الفرائض وهو ممنوع في غيرها، ويؤيده روايه الراوندي في الخرائج عن داود الرقي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال فلما طلع الفجر قام فأذن وأقام وأقامني عن يمينه وقرء في أول ركعة الحمد والضحى وفي الثانية بالحمد وقل هو الله أحد ثم قنت ثم سلم ثم جلس.
قوله تعالى: " لايلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف " الالف بكسر الهمزة اجتماع مع التئام كما قاله الراغب ومنه الالفة، وقال في الصحاح: وفلان قد ألف هذا الموضع بالكسر يألفه إلفا وآلفه إياه غيره، ويقال أيضا: آلفت الموضع أولفه إيلافا، انتهى.
وقريش عشيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهم ولد النضر بن كنانة المسمى قريشا، والرحلة حال السير على الراحلة وهي الناقة القوية على السير كما في المجمع، والمراد بالرحلة خروج قريش
من مكة للتجارة وذلك أن الحرم واد جديب لا زرع فيه ولا ضرع فكانت قريش تعيش فيه بالتجارة، وكانت لهم في كل سنة رحلتان للتجارة رحلة في الشتاء إلى اليمن ورحلة بالصيف إلى الشام، وكانوا يعيشون بذلك وكان الناس يحترمونهم لمكان البيت الحرام فلا يتعرضون لهم بقطع طريقهم أو الاغارة على بلدهم الآمن.
وقوله: " لايلاف قريش " اللام فيه للتعليل، وفاعل الايلاف هو الله سبحانه وقريش مفعوله الاول ومفعوله الثاني محذوف يدل عليه ما بعده، وقوله: " إيلافهم رحلة الشتاء والصيف " بدل من إيلاف قريش، وفاعل إيلافهم هو الله ومفعوله الاول ضمير الجمع ومفعوله الثاني رحلة الخ، والتقدير لايلاف الله قريشا رحلة الشتاء والصيف.
قوله تعالى: " فليعبدوا رب هذا البيت " الفاء في " فليعبدوا " لتوهم معنى الشرط أي أي شئ كان فليعبدوا رب هذا البيت لايلافه أيام الرحلتين أو لتوهم التفصيل أي مهما يكن من شئ فليعبدوا رب هذا البيت الخ، فهو كقوله تعالى: " ولربك فاصبر " المدثر: 7.
ومحصل معنى الآيات الثلاث ليعبد قريش رب هذا البيت لاجل إيلافه إياهم رحلة الشتاء والصيف وهم عائشون بذلك في أمن.
هذا بالنظر إلى كون السورة منفصلة عما قبلها ذات سياق مستقل في نفسها، وأما على تقدير كونها جزء من سورة الفيل متممة لها فذكروا أن اللام في " لايلاف " تعليلية متعلقة بمقدر يدل عليه المقام والمعنى فعلنا ذلك بأصحاب الفيل نعمة منا على قريش مضافة إلى نعمتنا عليهم في رحلة الشتاء والصيف فكأنه قال: نعمة إلى نعمة ولذا قيل: إن اللام مؤدية معنى إلى وهو قول الفراء.
وقيل: المعنى فعلنا ذلك بأصحاب الفيل لتألف قريش بمكة ويمكنهم المقام بها أو لنؤلف قريشا فإنهم هابوا من أبرهة لما قصدها وهربوا منه فأهلكناهم لترجع قريش إلى مكة ويألفوا بها ويولد محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فيبعث إلى الناس بشيرا ونذيرا هذا، والكلام في استفادة هذه المعاني من السياق.
قوله تعالى: " الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف " إشارة إلى ما في إيلافهم الرحلتين من منه الواضح ونعمته الظاهرة عليهم وهو الاطعام والامن فيعيشون في أرض لا خصب فيها ولا أمن لغيرهم فليعبدوا ربا يدبر أمرهم أحسن التدبير وهو رب البيت.
(بحث روائي) في تفسير القمي في قوله تعالى: " لايلاف قريش إيلافهم " قال: نزلت في قريش لانه كان معاشهم من الرحلتين رحلة في الشتاء إلى اليمن، ورحلة في الصيف إلى الشام، وكانوا يحملون من مكة الادم واللب وما يقع من ناحية البحر من الفلفل وغيره فيشترون بالشام الثياب والدرمك والحبوب، وكانوا يتألفون في طريقهم ويثبتون في الخروج في كل خرجة رئيسا من رؤساء قريش وكان معاشهم من ذلك.
فلما بعث الله نبيه استغنوا عن ذلك لان الناس وفدوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحجوا إلى البيت فقال الله: " فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع " لا يحتاجون أن يذهبوا إلى الشام " وآمنهم من خوف " يعني خوف الطريق.
اقول: قوله: فلما بعث الله الخ خفي الانطباق على سياق آيات السورة، ولعله من كلام القمي أخذه من بعض ما روي عن ابن عباس.

ليست هناك تعليقات: